السبت، 17 ديسمبر 2022

مسكن الزوجية لمن يكون المطلق أم المطلقة ؟الإجابة من القرآن الكريم.

 مقدمة: لطالما كثرت المشكلات القانونية المترتبة على الطلاق بين الازواج المسلمين ولطالما كثرت أيضاً المقترحات ومشاريع قوانين الأحوال الشخصية في بلداننا ولكنها دائما وابدا لا تأتي بثمارها المرجوة و المنتظرة ودليل على ذلك عدم وجود ثبات تشريعي في جميع القوانين حتى في أهم المسائل القانونية كمسائل الأحوال الشخصية ..
 وإذا بحثنا عن السبب وراء ذلك لوجدنا أن الخطأ يكمن عند واضعي تلك المقترحات والقوانين في مفهومهم للشريعة الإسلامية ..
ما هي الشريعة الإسلامية؟ هل هي كتب التراث والتفسير واقوال العلماء والمذاهب الفقهية القديمة؟
كلا... إنها ليست كذلك الشريعة المقصودة ، بل إن الشريعة الإسلامية المعنية مصدرها الرئيسي هو القرآن العظيم الذي يعلو ولا يعلى عليه وهو الدليل الشرعي الاول الذي يهيمن على باقي الأدلة الأخرى إن وجدت ويحتج عليها به في أية مسألة كانت. 
فإذا لم نستخلص أحكام القانون واجبة التطبيق من القرآن الكريم فاعلموا أن ذلك يكون بسبب الخطأ الفادح في فهم آيات القرآن وكلماته وبسبب ذلك تتعرض المرأة والمجتمع المدني في ظل تلك المذاهب التراثية المجحفة والفتاوى المتجلطة والأفكار الظلامية المتجمدة التي تسيطر على العقول المتزمتة لمن ينتسبون إلى الدين فيسيئون إليهن وإلى المجتمع ويفسدون وهم يظنون أنهم يصلحون .. 
فلا هم يريدون تجديدا حقيقياً للفكر الديني ولا حتى تجديدا لخطابهم العقيم في ظل أشد الحالات المجتمعية إنهيارا كما هو حادث في واقعنا الأليم . 
و في ظل تردي الأوضاع الإجتماعية والأخلاقية في مجتمعاتنا فإنهم هم المسؤولون مسؤلية كلية عن ذلك الإنهيار والتردي.
فلو أردنا أن نعلم أي حكم تحكم به الأسرة الإسلامية فانظروا نظرة إيمانية بصدق ويقين إلى آيات الله وكلماته... نظرة موضوعية مجردة إلى آيات القرآن الكريم التي ذكر الله فيها كل شئ حتى أقل شئ يذكر كأحكام الرضاعة..
 فمن الممكن أن نستخلص كافة الأحكام المطلوبة قانونا من لغة القرآن وأسلوبه وحكمته الخالصة في عرض القضايا التى تخص الأسرة وأحوالها.
 ومنها على سبيل المثال والعرض قضية كقضية الطلاق.
النص القرآني: قال الله تعالى:-
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا )(1)سورة الطلاق
أحكام شرعية مستفادة من تلك الآية غير المعمول بها في واقع مجتمعاتنا بسبب التفسير الذكوري للقرآن ذلك التفسير الذي يلغي الكثير من أحكام الله ويحرفها و يفرغها من مضمونها..
فلو اتبع الناس حكمة تلك الآية الكريمة وعملوا بها لما كان الفساد حادث في مجتمع أيا كان هذا المجتمع..
 هذه الأحكام الشرعية سوف تحل جميع المشكلات المتعلقة بالمرأة المطلقة الناتجة عن الطلاق حال تطبيقها في الواقع..
ومن تلك الأحكام ما يتعلق بمسكن الزوجية والحقوق المترتبة عليه..
 وتفصيل الإقتراح القانوني المستخلص من هذه الآية الكريمة كالتالي:
- ينتقل حقي حيازة و استعمال مسكن الزوجية إلى الزوجة بمجرد إبرام عقد الزواج النهائي ولا تنتقل إليها حقوق الملكية كاملة باستغلال العين بالتصرف فيها سواء بالبيع أو الإيجار أو الرهن ذلك لأن الغرض منها فقط هو السكن الشخصي للزوجة.
الدليل على ذلك قول الله تعالى : لا تخرجوهن من بيوتهن ... فنسب الله تعالى مسكن الزوجية إلى الزوجة وليس إلى الزوج في حكمة ربانية عظيمة لا ينبغي أن تمر علينا مرور الكرام بل إن لها صدى تشريعي عظيم.
أحكام أخرى مترتبة على ماسبق : 
- لا تخضع العين بذلك لسداد ديون الزوج لان سكن زوجته يعتبر دينا عليه لها والزوجة لها حق الامتياز الكامل على تلك العين فتنتقل إليها ملكية العين في هذه الحالة فقط.
 ذلك إن لم يثبت الدائنون ملكية الزوجة لعين عقارية أخرى ..
- في حالة وقوع الطلاق بينهما سواء كان طلاقاً من جانب الزوج أو كان طلاقاً قضائيا يستمر حقي الحيازة والاستعمال السابق ذكرهما للمطلقة سواء كانت حاضنة أو غير حاضنة.
- لا يشترط مرور مدة معينة للزواج لتطبيق ذلك الحكم الشرعي.
- يلتزم الزوج او المطلق بتوفير مسكن خاص مؤجر لزوجته أو لمطلقته سواء كانت حاضنة أم غير حاضنة وذلك حسب الأحوال بناء على ضعف قدرته المالية أو لضيق ذات اليد وينبغي أن ينظر في ذلك قاضي الموضوع.
ويستثنى من ذلك حالتين هما:
1- حالة إثبات ملكية المطلقة أو حيازتها لعين عقارية أخرى.
2- حالة إثبات إتيانها فاحشة مبينة صادرة ضدها بموجب حكم قضائي نهائي كما قال الله تعالى( إلا أن يأتين بفاحشة مبينة).
 وفي تلك الحالة تفقد الزوجة أو المطلقة حيازتها للعين وتعود ملكيتها إلى الزوج المطلق كما تفقد حقها في توفير مسكن خاص مؤجر لها في حالة عسر الزوج.
-في حالة وجود ديون على الزوج تفقد المطلقة ملكيتها للعين حال ارتكابها فاحشة مبينة صادرة ضدها بموجب حكم قضائي نهائي وتعود ملكيتها إلى الزوج المطلق لسداد ديونه.
-لا يطبق انتقال حقي الحيازة والاستعمال لمسكن الزوجية في حالتي الطلاق على الإبراء أو الخلع افتداء ولكن يستمر الالتزام بتوفير مسكن خاص مؤجر لها أيا كانت الظروف المادية للزوج في حالتي الطلاق على الإبراء أو الخلع افتداء وذلك من المفترض أن يتم بقوة القانون.
-لا يؤثر وجود بند في عقد الزواج ينص على وجود اتفاق يقضي بعكس ذلك لأنه من المفترض أن تخضع جميع أحكام الأحوال الشخصية لقواعد القانون العام.
والدليل على ذلك الآية الكريمة
(وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا)
وفي ذلك رحمة من الله تعالى وحكمة عظيمة حيث لا ينبغي في مجتمع عاقل أن تبيت امرأة في قارعة الطريق بسبب تخلي زوجها عنها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
هذا ماقد إستنتجته وتم استنباطه من أحكام أولية وثانوية وأحكام تبعية للحكم الأصلي للآية الكريمة ..
والله تعالى أعلى وأعلم.
حسام الدين مصطفى عبيد ( باحث في الشريعة الإسلامية)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حقيقة التاروت وقراءة الفنجان وعلم الابراج وقراءة الكف من القرآن الكريم.

                     بسم الله الرحمن الرحيم الغيب المطلق والغيب النسبي في القرآن الكريم من المعلوم أن معرفة الغيب المطلق قد انفرد بعلمه الخا...